-A +A
علي مكي
انتهى الأوليمبياد العالمي «ريو 2016» بخيبة أمل كبرى بعد أن لم ينل الوفد الرياضي السعودي المشارك، برجاله ونسائه، ميدالية واحدة، فلا ذهب ولا فضة ولا حتى ميدالية (نحاس) صدئة، لم يكن لوفدنا أن يعود إلا بألم جديد يضاف إلى انكساراتنا السابقة وخساراتنا الرياضية المتكررة خلال أكثر من عقد بدءا بكرة القدم وانتهاء بالرياضات الأخرى المهملة والمهمل أصحابها!
في كل مرة نسقط فيها لم نر مسؤولا رياضيا رفيع المستوى أو دون ذلك يخرج رافعا يده بتحمل المسؤولية، بل إنني توقعت بعد (الفشيلة) التي حدثت في البرازيل أن يخرج رئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية ويعتذر لشعب وطنه عن هذا الإخفاق المرير، لكن يبدو أنني كنت أظن وقد خاب ظني!

الإنجازات لا تتحقق بالكلام أو الوعود بل تعانق من يريدها وتُبذل لها الخطط والإعداد القوي المبني على مشروع رياضي وطني يستهدف طاقات الشباب والشابات ويطورها عبر المراكز والبنى التحتية المعدة بكل الوسائل الرياضية والخبرات التدريبية الطموحة دون هدر مالي كبير، وقد رأينا في تجارب دول أقل في مواردها منا تصل إلى طموحاتها في هذه المشاركات الدولية المهمة.
لقد تعاملنا مع الأوليمبياد المنقضي كما نتعامل دائما، مجرد تجميع وتسمية مشاركين دون أن نقدم لهم الأساس المتين الذي يتمثل بالإعداد البدني والمتابعة الفاحصة لطريقة حياتهم وأنماط سلوكهم واهتماماتهم واحتياجاتهم أيضا.
لا تزال رياضتنا، حتى اليوم، بكل فئاتها وألعابها تسير وفق خطة عشوائية، أي لا خطة مطلقا إلا على الورق والتصريحات الرنانة.
لماذا لم يخرج الرئيس الأوليمبي السعودي ويتحمل المسؤولية كما يفعل المسؤولون الشجعان، ويعتذر عن حمل هذه الحقيبة التي تبعثرت أشياؤها في عهده بصورة مزعجة وأحزنتنا كشعب يريد أن يحتضن الفرح ولو عبر مشاركة قوية ومشرفة وإن لم نحقق شيئا.
اليوم المسؤول الأول عن كل هذه الأخطاء هو من يتولى مسؤولية الرياضة، ولذلك فهو مطالب بإعلان برنامج التصحيح، برنامج رياضي وطني يليق باسم المملكة ويعبر عن مقدراتها المالية وقبل ذلك الإنسانية عبر شبابها المتوثب فتوة وطموحا قبل أن يذوي ويتلاشى ويسكنه قهر الإحباط.
نريد برنامجا واقعيا، لا برنامجا طوباويا، يحدد الأهداف والمهمات والوسائل والزمن أيضا، ويكون في أتم الاستعداد على محاسبته عليه عند أي إخفاق أو مشاركة باهتة كتلك التي جرت في الأولمبياد الأخير وتجري في منتخباتنا الوطنية وفرقنا لكرة القدم عند مشاركاتها في المنافسات الإقليمية والقارية والدولية، والأخيرة غائبة أو نحن غبنا عنها منذ عشر سنوات!
الرياضة السعودية عموما وكرة قدمها خاصة تعيش أزمة حادة منذ سنوات، إذ سادت الفوضى المشهد، وهي الفوضى التي ستمزق كل جهد مقبل، ما لم نتحرك بتكوين لجنة خبراء ترتكز على الكفاءة والإنجاز لإنقاذ رياضتنا وإعادة صياغتها على كافة المستويات بما فيها الإعلامية، وأرشح لرئاستها الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، فهو ليس غريبا على المشهد الرياضي وله إسهاماته الوطنية المضيئة عبر رهانه على الشباب الوطني وعبر إضافاته العديدة والناجحة في كل مكان عمل فيه وهو يستطيع، باختيار أعضاء لجنته وبأفكاره الطموحة والكاريزما القيادية التي يتمتع بها، في إعادة الحصان أمام العربة وتنظيف الطريق من (قطّاعه) الجهلاء والخبثاء معا!